السبت، 17 أغسطس 2013

القاتل بامر الله



      الكراهية المقدسة هي من قتلت بونظير بوتو والسادات والشيخ الذهبي وفرج فودة ورفعت المحجوب   واسحق رابين  وغاندي ومارتن لوثر كينج............. انها النار المقدسة التي تشتعل في قلوب المؤمنين لتحصد أرواح الأبرياء.. اخطر ما يصيب الإنسان هو داء الكراهية ..واخطر منه أن يصبغ الإنسان الكراهية بالدين...فتكون كراهيته وحقده وجهله ...أوامر الله ...هذا ما يصوره له خياله المريض وقلبه الذي آكلته الضغينة واستولت عليه...ربما يكون سبب ذلك الفقر..الحرمان...قله الحيلة ..انعدام الموهبة ..المرض النفسي..لكن هناك دائما من يتربص بهؤلاء لاصطيادهم واستقطابهم ليصنع منهم آلة للقتل... وعادة ما يكون الدين هو الوسيلة الأسهل والأقرب...التأويل الخاطئ للنصوص والاستشهاد بالفتاوى فى غير موضعها ..والخلط بين رأى العلماء فى زمان ما وظروف ما...كل هذه هي الوسائل التي يصنع منها القاتل بأمر الله , 
 ابحث فى تاريخ القتلة بأمر الله لأجد نموذج مثالي لتوضيح آلية صناعة القاتل بأمر الله , فأجد بغيتي في قصة مقتل الشيخ الذهبي لأنه نموذج صارخ لصناعة القتلة باسم الدين , كما إنها نموذج صارخ لطغيان لدولة الملالى والشيوخ التي نقترب منها , كان الشيخ الذهبى شيخا عالما فقيها ورعا .. ولكنهم قتلوه...اغتالوه...قاتله كان مجرد شاب يدرس فى كلية الزراعة ..ولكنه افتى بقتله ...ووجد من ينفذ اوامره.. وهذه هى القصة
القاتل هو
 شكري أحمد مصطفى (أبو سعد) والشهير بشكري مصطفى  من مواليد  من مواليد قرية (الخرص ) مركز ابو تيج محافظة اسيوط 1942م، أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتقلوا صيف عام 1965م حتى صيف  1971  , وكان لا يزال طالب بكلية الزارعة بجامعة أسيوط وتم اعتقاله بتهمة توزيع منشورات لانتسابهم لجماعة الأخوان المسلمين وكان عمره وقتئذ ثلاثة وعشرين عاماً وفى هذه الفترة تعرف على كتابات سيد قطب وأبو الأعلى المودودى هو كثير من الشباب
تولى قيادة الجماعة داخل السجن بعد أن تبرأ من أفكارها الشيخ علي عبده إسماعيل صاحب فكرة تكفير المجتمع وهجرته  والتى نبتت داخل السجن بعد اعدام سيد قطب ومعه ستة من الشباب كان احدهم شقيقه الاكبر.
ـ في عام 1971م أفرج عنه بعد أن حصل على بكالوريوس الزراعة ومن ثم بدأ التحرك في مجال تكوين الهيكل التنظيمي لجماعته. ولذلك تمت مبايعته أميراً للمؤمنين وقائداً لجماعة المسلمين ـ على حد زعمهم ـ فعين أمراء للمحافظات والمناطق واستأجر العديد من الشقق كمقار سرية للجماعة بالقاهرة والإسكندرية والجيزة وبعض محافظات الوجه القبلي.
ـ في سبتمبر 1973م أمر بخروج أعضاء الجماعة إلى المناطق الجبلية واللجوء إلى المغارات الواقعة بدائرة( أبي قرقاص) بمحافظة المنيا بعد أن تصرفوا بالبيع في ممتلكاتهم وزودوا أنفسهم بالمؤن اللازمة والسلاح الأبيض، تطبيقاً لمفاهيمهم الفكرية حول الهجرة.
ـ في 26 أكتوبر 1973م اشتبه في أمرهم رجال الأمن المصري فتم إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة في قضية رقم 618 لسنة 73 أمن دولة عليا.
ـ في 21 ابريل 1974م عقب حرب أكتوبر 1973م صدر قرار جمهوري بالعفو عن مصطفى شكري وجماعته، إلا أنه عاود ممارسة نشاطه مرة أخرى ولكن هذه المرة بصورة مكثفة أكثر من ذي قبل، حيث عمل على توسيع قاعدة الجماعة، وإعادة تنظيم صفوفها، وقد تمكن من ضم أعضاء جدد للجماعة من شتى محافظات مصر، كما قام بتسفير مجموعات أخرى إلى خارج البلاد بغرض التمويل، مما مكن لانتشار أفكارهم في أكثر من دولة.
ـ هيأ شكري مصطفى لأتباعه بيئة متكاملة من النشاط وشغلهم بالدعوة والعمل و الصلوات والدراسة وبذلك عز لعقاب بدني، وإذا ترك العضو الجماعة اُعتُبِرَ كافراً، حيث اعتبر المجتمع خارج الجماعة كله كافراً. ومن ثم يتم تعقبه وتصفيته جسدياً.
ـ رغم أن شكري مصطفى كان مستبداً في قراراته، إلا أن أتباعه كانوا يطيعونه طاعة عمياء بمقتضى عقد البيعة الذي أخذ عليهم في بداية انتسابهم للجماعة.
 قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد لأن المساجد كلها ضرار وأئمتها كفار إلا أربعة مساجد: المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى ولا يصلون فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم.

 كانوا يزعمون أن أميرهم شكري مصطفى هو مهدي هذه الأمة المنتظر وأن الله تعالى سيحقق على يد جماعته ما لم يحقق عل يد محمد صلى الله عليه وسلم من ظهور الإسلام على جميع الأديان.

ـ وعليه فإن
هم كانو يؤمنون ان  دورجماعتهم (التكفير والهجرة) يبدأ بعد أن تدمّر الأرض بمن عليها بحرب كونية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي تنقرض بسببها الأسلحة الحديثة كالصواريخ والطائرات وغيرها ويعود القتال كما كان في السابق رجل لرجل بالسلاح القديم من سيوف ورماح وحراب...
ادَّعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الإمامة، والاجتهاد المطلق، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفاً وخلفاً.
- كانت نكسة يونيو 1967  وهزيمة الجيش المصري أمام الجيش الاسرائيلى سببا  في روح الإحباط التي دفعت الكثير من الشباب إلى التدين السلبي والهروب إلى التراث  في وسيلة للبحث عن الهوية ولإعادة الثقة بالمجتمع.
ـ المواجهات المستمرة بين السلطة والجماعات الإسلامية وتبادل العنف، وامتلاء السجون بهؤلاء الشباب  واستخدام أقسى أنواع التعذيب، مع التلفظ بألفاظ الكفر من قبل المعذبين والسجانين.

ـ ظهور وانتشار بعض الكتب الإسلامية التي ألفت في هذه الظروف القاسية وكانت تحمل بذور هذا الفكر، واحتضان هذا الفكر من هذه الجماعة ـ التكفير والهجرة ـ وطبعه بطابع الغلو والعنف
وأهمها على الإطلاق كتاب في ظلال القران وكتاب معالم في الطريق لسيد قطب وكتب أبو الأعلى المودودى مؤسس الجماعة الإسلامية بالهند.
الضحية هو
الشيخ محمد حسين الذهبي من مواليد 1914 ولد في قرية مطوبس التابعة لكفر الشيخ حصل على الدكتواره في التفسير والحديث سنة 1944 وعين مدرسا مساعدا بكلية الشريعة ثم أستاذ  لها, أعير في سنة 1968لجامعة الكويت , وفى سنة 1971 عين أستاذا لها , أعير في سنة 1968 لجامعة الكويت , وفى سنة 1971 عين أستاذا بكلية أصول الدين , وقبل اقل من سنة أصبح أمينا عاما مساعدا لمجمع[1] [2]البحوث الإسلامية , وفى العام التالي عميدا لكلية أصول الدين , ثم أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية , وفى 15 ابريل 1975 أصبح وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر  حتى نوفمبر 1976 له سبعة أبناء والعديد من المؤلفات الدينية في الأحوال الشخصية عند المذاهب الإسلامية المختلفة وتفسير سور ( الأحزاب والنور والطلاق والنساء ) وكان يرغب فى استكمال تفسير باقي سور القران الكريم .
- قررت الجماعة اختطاف وزير الأوقاف السابق الدكتور محمد حسين الذهبي والاحتفاظ به كرهينة مقابل فرض الإفراج عن الأعضاء المعتقلين , ولقد كان السبب الرئيسي في اختيار الدكتور الذهبي , هو انه كان قد أصدر وقت ان كان وزيرا للأوقاف كتيبا صغيرا فى عام 1975 ناقش فيه فكر جماعة المسلمين , التي عرفت وقتها في الصحف المصرية باسم أهل الكهف أو جماعة التكفير والهجرة اثبت فيه بالاستناد إلى القرآن والسنة – فساد الزعم الذي أطلقوه بأنهم وحدهم المسلمون و وان المجتمع حولهم يعد مجتمعا كافرا , فقد قال فى هذا الكتاب ان حكم الناطق بشهادتي إن لا اله إلا الله وان محمدا رسول , ان نعتبره مسلما تجرى عليه أحكام الإسلام , وليس لنا ان نبحث فى مدى صدق شهادته , وإنما نكل سريرته إلى الله عالم السرائر , ثم ناقش فكرة اشتراطهم العمل بمفهوم الشهادتين حتى يصبح المرء مسلما فأكد انه لم يرد شرع يفيد هذا الربط وان من يشترط هذا الربط يكون قد أتى بشرط زائد وخالف هدى النبي واستحدث في الدين مالم يرد به نص من كتاب الله  او سنة رسوله "
وتناول الشيخ الذهبي اشتراط جماعة المسلمين أن تكون أعمال الشخص مصدقة لشهادته حتى يحكم بإسلامه فأثبت فساد هذا الشرط , وقال أن رسول الله عرف الإيمان بالله وحده بأنه شهادة أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله , واعتبر النطق بالشهادتين عملا .
ثم تناول الذهبي قضية اعتبار الجماعة مرتكب الكبيرة كافرا , فأورد عن عمر أن الكبائر هى :قتل النفس , واكل الربا , واكل مال اليتيم , ورمى المحصنة ,وشهادة الزور ,وعقوق الوالدين , والفرار من الزحف (القتال ) والسحر , والإلحاد في البيت الحرام .
وقال انه من الثابت أن الرسول قد أتى له الزاني و الزانية والسارق وشارب الخمر , فلم يعتبرهم كفارا , ولم يقم عليهم حد الردة ( القتل ) وانه لا خلاف في أن التوبة تسقط الذنوب.
واعتبر الشيخ الذهبي تكفير الجماعة للمسلم بأنه ( فسوق ) – اى خروج عن الدين – واستدل بحديث للرسول يقول :  " لا يرمى رجل رجلا بالفسق أو يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك "
وقال انه يجب التفرقة في العقائد بين الأصول والفروع . وأصول الأيمان هي : الأيمان بالله والأيمان بالرسول والإيمان باليوم الأخر .
وما عدا ذلك فروع لا تكفير فيها إلا في حالة إنكار حكم ثبت عن النبي , مثل إنكار وجوب الصلوات الخمس .
ثم نبه الدكتور الذهبي في نهاية كتابه إلى مدى خطورة تعرض الشباب بدون علم لتفسير القرآن واستخراج الأحكام منه من غير تأهيل لذلك , ثم طلب من أئمة المساجد ووعاظ الأزهر تصحيح عقيدة الشباب الدينية وفقا لصحيح الدين كما أورده في كتابه من حجج وبراهين .
على هذا النحو وقف الدكتور الذهبي فى نفس موقف المرشد العام للإخوان المسلمين المستشار حسن الهضيبى في كتابه " دعاة لا قضاة " الذي رد به على فكر أبو الأعلى المودودى  مؤسس الجماعة الإسلامية في الهند وسيد قطب.
من اجل ذلك اعتبر شكري مصطفى وجماعته الدكتور الذهبي كافرا يستحق القتل وقرروا  اختطافه واتخاذه رهينة يقايض بها على الإفراج عن أعضاء جماعته المحكوم عليهم  .
 تفاصيل الجريمة
- كان يعيش الدكتور الذهبي في منزل قديم الطراز في منطقة منعزلة بحدائق حلوان له حديقة صغيرة , وسور حديد مدبب , والشارع الذي يوصل إليه غير مفروش بالإسفلت , كان يعيش مع أبناءه بالدور الارضى .
- وتم تنفيذ عملية الخطف فجر يوم الأحد الموافق 3 يوليو 1977  عندما طرق باب البيت مجموعة من الشباب بملابس رجال الشرطة  احدهم برتبة رائد لم يحلق ذقنه منذ ثلاثة أيام وعمره 21 سنة وحوله خمسة شبان أعمارهم تتراوح (20-25 سنة ) يحمل احدهم مدفعا رشاشا  ويحمل الآخرون مسدسات بادعاء أنهم مباحث امن الدولة  وآخذو الشيخ بالقوة وقاموا بالفرار  وكانت معهم سيارة أخرى لم يستجب محركها فكان إن تم القبض على احد أفراد العملية وهو ( إبراهيم محمد حجازي ) وتم التحفظ على السيارة رقم 28793 ملاكي القاهرة ووجدوا داخلها مدفعا رشاشا  وطبنجتين .
تمت عملية الاختطاف والسادات في زيارة للمغرب وطلبت الحكومة من الجماعة التزام الحكمة وإطلاق سراح الذهبي لتهيئة المناخ للبت في مطالبها  وشعرت الحكومة بالحرج  , خاصة وان رئيسها كان وزير داخلية سابق هو اللواء ممدوح سالم .
شعر شكري مصطفى بأن الحكومة تماطل ولن تستجيب لمطالبه , فأصدر أوامره بقتل الدكتور الذهبي وسلم أداة القتل لأحمد طارق . وقد توجه احمد طارق إلى الشقة المحبوس فيها الذهبي ومعه حقيبة وتكليف مكتوب موجه للإخوة الموجودين في الشقة لتنفيذ القتل ودخل حجرة الذهبي وأطلق عليه النار
الصدفة وحدها هي التي قادت إلى اكتشاف مقتل الشيخ الذهبي فحسب الرواية الرسمية , كان اثنان من ضباط الشرطة يسألان عمن يقيم بالشقة المفروشة رقم واحد شارع محمد حسين بشارع الهرم , فرفض مستأجروها الإدلاء بأية بيانات مما أثار الشكوك وبما هجمة الشقة عثر بداخلها على شخصين من الجماعة هما ( احمد نصر الله حجاج – وصبري محمد القط ) وعثر على مدفع رشاش  وألف طلقة ذخيرة , ورسم  كروكى البيت الشيخ الذهبي , وخطابات متبادلة بين أعضاء التنظيم , وارواق أخرى كان من بينها عقد إيجار فيلا مفروشة في شارع فاطمة رشدي في الهرم ( الأهرام 7/7/1977 ص 3 ) إثناء التفتيش حضر شخص ثالث , ما أن شاهد رجال  الأمن حتى حاول ابتلاع ورقة كان يحملها , فمنعوه , وأخرجوها من فمه , وتبين أنها رسالة بنقل جثمان الدكتور الذهبي من الفيلا المفروشة على عربة كارو – بعد أجراء عمليات التمويه – لتلقى – مع النوشادر – فى مصرف قريب .هوجمت الفيلا المفروشة وعثر على جثة الدكتور الذهبي .
- تم ضبط شكري مصطفى بأحد الأوكار بعزبة النخل  ومعه زوجته  وابنه الصغير ,  كان الرئيس السادات في الجابون يحضر مؤتمر القمة الأفريقية عندما تلقى نبأ اغتيال الشيخ الذهبي ولم يعد إلى القاهرة[3] مباشرة[4] ولكنه قام بزيارة رومانيا والمغرب وذلك لتدبير زيارته إلى القدس , وفور عودته إلى القاهرة أصدر قرارا بتشكيل محكمة عسكرية عليا لإجراء محاكمة فورية لمرتكبي الجريمة وتحولت القضية رقم 205 حصر –امن دولة عليا لسنة 1977 إلى القضاء العسكري وتولى التحقيق رجلان قدر لهما الكثير فيما بع , الأول العميد عماد السبكى الذي أصبح محامى المتهمين في قضية اغتيال السادات فيما بعد والعميد سمير فاضل الذي تولى رئاسة  المحكمة التي حاكمت قتلة السادات .
- قدم شكري مصطفى للمحاكمة بعد القبض عليه بيوم واحد في 8 يوليو هو وأربعة وخمسون  شخصا معه بتهمة قتل الذهبي أمام محكمة عسكرية, في الوقت الذي قدم للمحاكمة أيضا 204 آخر و بتهمة الانتماء للتنظيم , وقد أصدرت المحكمة يوم 30 نوفمبر 1977 حكمها بإعدام شكري مصطفى وأربعة آخرين , ومعاقبة 12 بالإشغال الشاقة المؤبدة وهم المجموعة التي اشتركت في  خطف الذهبي , ومعاقبة 7 بالإشغال الشاقة لمدة 15 سنة ومعاقبة 6 بالإشغال الشاقة لمدة 10 سنوات , ومعاقبة 8 بالإشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبراءة 12 متهما.
 ـ في 30 مارس 1978م صبيحة زيارة السادات للقدس تم تنفيذ حكم الإعدام في شكري مصطفى وإخوانه.
نعم انه الاستبداد والقمع فى السجون هما البذرة التى تصنع القاتل بأمر الله فمن السجن نبتت الفكرة ورعتها روح الانتقام وسقيت ماء الجهل والتعصب , لتصنع كل هذه الأشياء 
(القاتل باسم الله )